الخطة العشرية للمديرية العامة

في محاضرة للمدير العام الدكتور فادي جورج قمير

في نقابة المهندسين في بيروت بتاريخ 14 تشرين الأول 1999 

 

إن الخطوط العريضة لتحديث وتقييم والحفاظ على الموارد المائية وغيرها، لهي اللبنة الأولى نحو مستقبل أفضل، وهي من الأهمية بحيث أن من واجب كل لبناني أن يكون ملماً بها، ليكون قادراً على المساهمة في دفع هذا الوطن إلى الأمام في العهد الذي بدأ فيه تاريخ لبنان الجديد وعلى مضمون قسم فخامة الرئيس من خلال حفظ حق الوطن وحاجة المواطن.

ولو نظرنا اليوم إلى ما يقال بأن القرن القادم هو قرن حروب المياه لقلنا لهم:

إن يوماً واحداً من هذه الحرب سيكلف أكثر من مليار دولار وهذا المبلغ يكفي لإرواء منطقة بكاملها أرضاً وبشراً. ونحن هنا في لبنان نعيش اليوم أزمة مياه خانقة لم تمر علينا منذ العام 1933.

 

- الأسباب الموجبة -

 

يهدف مشروع القانون هذا لتأمين الإعتمادات اللازمة لدرس وإستملاك وتنفيذ ومراقبة تنفيذ الأشغال المائية الضرورية لتلبية حاجات المواطنين حالياً ولفترة قادمة (وفي نطاق عمل المديرية العامة للموارد المائية والكهربائية )  في الحقول التالية:

  • تأمين الموارد المائية الإضافية.
  • مشاريع مياه الشفة.
  • مشاريع المياه المبتذلة.
  • مشاريع مياه الري.
  • مشاريع تقويم مجاري الأنهر.
  • التجهيز الكهربائي.

 

1ـ تأمين موارد مائية إضافية:

من العودة إلى ميزان المياه السنوي في لبنان، ومن العودة إلى الحاجات المائية في قطاع مياه الشرب والإستعمال المنزلي التي تزايدت بشكل ملحوظ مع التطور الديموغرافي ومع زيادة المقطوعية اليومية للفرد بنتيجة التطور الإجتماعي واتخذت طابع الحدة بنتيجة التجمعات السكانية في مناطق معينة من جراء انتقال السكان إلى السواحل من ناحية ومن جراء الأحداث من ناحية أخرى.

ومن العودة إلى الحاجات في قطاع المياه اللازمة للصناعة وإلى أوضاع مشاريع الري القائمة، يتبين:

  • إن كميات المياه المتوفرة في الينابيع لم تعد تكفي لسد هذه الحاجات خاصة في ايام الشحائح.
  • إن الإدارة من جهة والمبادرة الفردية من جهة ثانية قد انكفأت نحو استغلال المياه الجوفية على نطاق واسع. فمشاريع الوزارة المدروسة مؤخراً ترتكز بمعظمها على حفر آبار جديدة، والأفراد والقطاع الخاص يتقدمون من الوزارة بعشرات الطلبات يومياً لأخذ الرخص والإيصال بالعلم المسبق لحفر الآبار لشتى الغايات.

إن التوجه لاستعمال المياه الجوفية على هذا النطاق الواسع قد أدى إلى:

  • التأثير على الينابيع بصورة عامة مما انعكس على الإستعمالات في قطاعي مياه الشرب والري.
  • إنخفاض مستوى المياه في الخزانات الجوفية في البقاع.
  • تداخل مياه البحر باتجاه الساحل وزيادة الملوحة في الابار المستثمرة على الساحل.

ومن العودة إلى تقدم أعمال تخزين المياه السطحية في الأراضي اللبنانية في ايام الفيض واستعمالها في أيام الشح يتبين أننا متخلفين جداً في مجال السيطرة على قسم من المياه الهاطلة على أرضنا فتذهب المياه هدراً ويبدو لبنان وكأنه يعوم على بحر من المياه فيستقطب الأنظار الدولية التي لا تتقبل هذا الوضع في ظل حاجة الدول إلى المياه بينما في الحقيقة لبنان بأمس الحاجة إلى مياهه.

لذلك يقتضي:

أـ  وضع الخرائط الجيولوجية والهيدروجيولوجية للمياه الجوفية في لبنان.

  1. مراقبة الخزانات الجوفية كافة.
  2. المحافظة على المياه الجوفية والينابيع.
  3. درس جميع إمكانيات التخزين الجوفي وصد مياه البحر والحد من الفقدان بالتبخر، وتنفيذ الإنشاءات وإتخاذ الإجراءات اللازمة لتأمين التغذية الإصطناعية لخزانات المياه الجوفية.

ب ـ   درس إمكانيات تخزين المياه على الأنهر اللبنانية كافة.

  1. درس إمكانيات تخزين المياه بواسطة البحيرات الجبلية.
  2. إستكمال الدراسات التنفيذية التي بوشر  بها.

ج ـ   تأمين الإعتمادات اللازمة لدرس وتنفيذ والإشراف على تنفيذ هذه الأشغال واستملاك مواقعها وجدولتها على مدى قصير ومتوسط الأجل.

 

2ـ مشاريع مياه الشفة:

  • قبل الستينات كانت المجموعات السكنية الممونة بواسطة شبكات نظامية لمياه الشرب معدودة ومحدودة النطاق في لبنان.
  • في الستينات عمدت الدولة إلى تنفيذ برنامج إنمائي لتأمين مياه الشرب إلى معظم القرى اللبنانية.

وقد درست مشاريع مياه الشفة في حينه على الأسس التالية:

  •  حاجة الفرد اليومية للشرب والأستعمال المنزلي 100ل/يوم بما فيه الهدر.
  • طاقة المنشآت وأقطار القساطل لمدة مستقبلية 25 سنة.
  • كميات المياه المخصصة في مصادرها اعتمدت مبدئياً على هذا الأساس.

إن تركيب القساطل وتجديد الشبكات دون تأمين موارد إضافية مجدية أصبح كارثة إقتصادية على البلد وإن تجديد الشبكات يقع أساساً في نطاق عمل المصالح المستثمرة التي لها أن تقرر إلى أي مدى يمكن متابعة إستثمار الشبكات القديمة في الأوضاع الصعبة.

إن المؤسسات العامة المستثمرة لهذه المشاريع لم تقم بصورة إجمالية بتجديد المنشآت وتقوية طاقتها مع إزدياد الحاجات وتأمين مصادر مياه إضافية لها وعمليات التأهيل التي قام بها مجلس الإنماء والإعمار بتمويل خارجي قد اقتصرت على إعادة هذه المشاريع إلى وضع عملاني دون تطويرها بشكل جذري باتجاه تغطية الحاجات المستجدة.

لذلك يقتضي:

  • متابعة تأمين مياه الشفة إلى القرى التي لم تجهز لهذه الغاية.
  • تطوير مشاريع مياه الشفة الحالية من حيث المصادر والمنشآت المختلفة لتأمين مياه كافية وسليمة ومستمرة إلى السكان.
  • لحظ الإعتمادات اللازمة لتنفيذ هذه الأشغال.

3 ـ مشاريع المياه المبتذلة:

إن إزدياد الكثافة السكانية في مناطق التجمعات السكنية قد أدى إلى تصريف للمياه المبتذلة غير قابل للإستيعاب في الحفر الصحية المعهودة.

وإن عدم قيام الدولة في السنوات الماضية بتنفيذ المصبات البحرية ومحطات التكرير وخطوط الجمع الرئيسية والثانوية وشبكات تصريف المياه المبتذلة قد دفع الأفراد والإدارات والبلديات إلى البحث عن حلول تبعد عنهم أذى التلوث في جوارهم المباشر فعمدوا:

  • أما إلى تصريف المياه المبتذلة في الآبار الجوفية المتصلة بالخزانات الجوفية للمياه وقد ساعدت الأحداث والوضع العام على ذلك بفعل غياب رقابة الدولة.
  • أما إلى إنشاء شبكات تصريف للمياه المبتذلة تصب في الوديان المجاورة دون محطات تكرير ودون تأمين مصبات لها وفقاً للأصول الفنية.

وقد تأثر البيئة وتلوثت المياه العمومية في لبنان سواء أكانت سطحية أو جوفية في مواقع عديدة من جرّاء هذا الوضع.

لذلك يقتضي:

  • إيلاء تنفيذ مشاريع المياه المبتذلة الأفضلية التي يقتضيها الوضع في مدى سريع وقصير الأجل لحماية البيئة وحماية المياه الجوفية والينابيع من التلوث وخدمة للسكان.
  •  لحظ الإعتمادات اللازمة لتنفيذ ومراقبة تنفيذ المشاريع المدروسة ودرس وتنفيذ ومراقبة تنفيذ المشاريع المقترحة.

 

4 ـ مشاريع مياه الري:

تتضمن مشاريع الري:

أ ـ   المشاريع القديمة القائمة.

إن الناحية الأساسية التي يقتضي معالجتها بالنسبة للمشاريع القديمة القائمة هي التأثير الحاصل على مصادر المياه المستعملة من جرّاء حفر الآبار بكثرة بجوار هذه المصادر واستنفاد امكانيات الطبقة الجوفية وقد أشرنا إلى هذا الموضوع في البند الأول أعلاه.

إن تجديد بعض المنشآت الرئيسية في هذه المشاريع وتعديلها من شأنه أن يساعد على المحافظة على بقاء هذه المشاريع.

ب ـ   المشاريع المقترحة لري أراضي جديدة.

إن التركيز على المشاريع الجديدة المقترحة أمر ضروري خاصة بالنسبة لمياه نهري العاصي والليطاني.

بالنسبة لنهر العاصي فقد أجرت المديرية العامة للموارد المائية والكهربائية الدراسة الأولية ودراسة الجدوى في إطار الإتفاق اللبناني السوري حول قسمة المياه.

بالنسبة لنهر الليطاني فقد بات من الضروري الإستفادة من المياه المخزنة في سدّ القرعون، وما أنفق من أموال حتى تاريخه، ومن المشاريع المقترحة في نطاق المصلحة الوطنية لنهر الليطاني، في مشاريع ري وشفة منتجة في جنوبي لبنان بالإضافة إلى تأمين مياه الشفة إلى مدينة بيروت ونترك هذا الشق للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني.

 

لذلك نقترح:

  • لحظ الإعتمادات اللازمة لتنفيذ ومراقبة تنفيذ المشاريع المدروسة ودرس وتنفيذ ومراقبة تنفيذ المشاريع المقترحة من قبل المديرية العامة للموارد المائية والكهربائية.
  • لحظ الإعتمادات اللازمة لدرس وتنفيذ ومراقبة تنفيذ المشاريع المقترحة في نطاق المصلحة الوطنية لنهر الليطاني في مدى سريع وقصير الأجل بالدرجة الأولى.

 

5 ـ مشاريع تقويم مجاري الأنهر:

 يهدف هذا المشروع إلى حماية الأرواح والممتلكات في أقسام معينة من الأنهر المعرضة للفيضان ضمن المجمعات السكنية الواقعة على ضفافها أو حيث ترتدي الأضرار أهمية كافية تقضي بتحمل الدولة مسؤوليتها عن الأشغال العامة.

 

6 ـ التجهيز الكهربائي:

إن الأعمال التي لحظت في الخطة يمكن إنجازها كالتالي:

  • المشاريع المتبقية لتكملة أشغال الطوارىء.
  • أشغال مدروسة للتنفيذ في مختلف المناطق.
  • إحتياط لأشغال كهربائية في الشريط الحدودي.
  • أشغال في المناطق المهجرة بالتعاون مع وزارة المهجرين.

 

التمويل:

في مجال تجهيز المشاريع المائية والكهربائية نقترح إعتماد المنهجية التالية:

أـ إننا نرى أن قضية المياه في لبنان باتت قضية إستراتيجية وبتنا نتمنى أن تستعمل القروض والهبات في كافة القطاعات الأخرى بحيث يصبح بالإمكان أخذ الإعتمادات اللازمة للمشاريع المائية من موازنة الدولة كي تكون هذه الإعتمادات غير مشروطة.

وقد إعتمدنا في توزيع إعتمادات الدفع للسنوات الأربع الأولى أرقاماً تتناسب مع ما درج على لحظه في موازنة وزارة الطاقة والمياه ـ المديرية العامة للموارد المائية والكهربائية فإذا تحسن الوضع الإقتصادي مستقبلاً تمّ رفع هذه النسب للسنين التالية وإلا أمكن إعادة النظر في توزيع إعتمادات الدفع عند درس موازنة كل سنة في حينه.

إن هذه الخطة تتناسب مع توجه الدولة من حيث:

  •   إنشاء المؤسسات الإستثمارية ودمج المصالح بعد أن صدرت المراسيم الخاصة بهذا الشأن وأولت المصالح المنشأة صلاحيات درس وتنفيذ وإستثمار المشاريع المائية في نطاق الخدمات المباشرة.
  •   تنظيم قطاع المياه في لبنان الذي باشر بالتركيز على توزيع العمل بين الوزارة والمصالح فأولى الوزارة الأعمال والمهام التي يفترض أن تكون وتبقى في عهدة الدولة  وأولى المصالح الخدمات الأخرى.

 

إن هذه الخطة قد أتت عشرية وليس خمسية:

  • لأنها تتناول موضوع إنشاء السدود الذي يتطلب مهلاً أطول من المشاريع العادية.
  • لأننا رأينا في الوضع الإقتصادي الصعب ضرورة توزيع الأعباء على عدد أكبر من السنوات لتخفيف الوطأة على خزينة الدولة.
  • بالنسبة لمجلس الإنماء والإعمار، لقد تركنا له من الناحية التنفيذية إمكانية متابعة كافة المشاريع التي سبق له أن باشر بها لمحطات معالجة المياه المبتذلة وغيرها.
  • إن هذه الخطة تمثل نقلة نوعية، في مجال المشاريع المائية، فرضتها المعطيات الفنية المتعلقة بالوضع المائي في لبنان.

 

 المدير العام للموارد المائية والكهربائية

 د. فادي جورج قمير